إنتصار الطفل عمر على مضاعفات مرضه النادرة

وُلد الطفل عمر بتشوه خِلْقي شديد في صدره ورقبته يسمى "ورم رطب كيسي cystic hygroma"، وهي حالة نادرة تحدث بسبب التطور غير الطبيعي للجهاز اللمفاوي.   تم اكتشاف الورم خلال فحص روتيني بالموجات فوق الصوتية بينما كانت والدة عمر لا تزال حاملاً.   مع تقدم الحمل، نما التشوّه وبدأ يؤثر على وظيفة رئتي عمر.   اقترح الأطباء إجراء عملية توليد متخصصة تسمى إكزت EXIT (علاج خارج الرحم أثناء الولادة) في مستشفى في الإمارات العربية المتحدة لمعالجة ضغط مجرى الهواء. 

أوضح محمد، والد عمر: "كانت هذه حالة نادرة للغاية".  "لم يكن هناك سوى عدد قليل من العمليات الجراحية من هذا النوع في بلدنا في السنوات الأخيرة.  كانت العملية معقدة للغاية، حيث تضمنت إدخال أنبوب في فم الطفل بينما كان لا يزال داخل رحم الأم".

بعد ولادة عمر، تأكد وجود ورم الرطب الكيسي.  لسوء الحظ، أدت الجراحة الأولية لإزالة جزء من التشوه إلى مضاعفات خطيرة.  عانى عمر من فقدان السيطرة في عينه اليسرى، تلف في حبله الصوتي الأيسر، وشلل في الرئة اليسرى.   وقد أدى ذلك إلى عدم قدرته على التنفس بنفسه وإلى الحاجة إلى استخدام جهاز تنفس صناعي. 

إدراكا للحاجة إلى رعاية متخصصة، أوصى الأطباء بالحصول على رأي ثانٍ من أحد المراكز المتخصصة الرائدة في العالم وتم اختيار غوش لمساعدة الأسرة في ذلك.  يتذكر محمد قائلاً: "نصحنا الأطباء بوضع الثقة في غوش لأنه أحد المستشفيات الرائدة في العالم لرعاية الأطفال".  "عندما وصلنا، تم الترحيب بنا بحرارة".

تحت رعاية الخبير الدكتور بول أورورا Paul Aurora  في غوش، تضمن علاج عمر نهجًا متعدد التخصصات مع فريق من المتخصصين في طب الأطفال التي  شملت جراحة الصدر، جراحة الأنف والأذن والحنجرة، جراحة البطن، الأشعة التدخلية، طب العيون وطب القلب.  أوضح الدكتور أورورا "أدت المضاعفات التي أعقبت الجراحة التي خضع لها في بلده الأصلي إلى اعتماده الكامل على جهاز التنفس الصناعي.  لقد تمت إحالته إلينا من أجل التخلص من جهاز التنفس الصناعي ووضع خطة طويلة الأجل".   ومما زاد في تعقيد حالة عمر إصابته بمتلازمة رولاند بين Rowland Payne النادرة، والتي تسببت في تلف شديد في أعصابه.  أضاف الدكتور أورورا: "هذه حالة تتأثر فيها جميع الأعصاب التي تتحكم في الحبال الصوتية والحجاب الحاجز والعيون.   نرى هذا أحيانًا في البالغين الذين يعانون من أورام في الرقبة، ولكنه نادر جدًا عند الأطفال، وقد مرت سنوات عديدة منذ آخر مرة رأينا فيها هذه المضاعفات حتى في غوش".  

خلال الأسابيع والأشهر  التي تلت، خضع عمر لعمليات جراحية متعددة.  تم إجراء عمليتين رئيسيتين لإصلاح الحجاب الحاجز الأيسر.   هدفت هذه العمليات الجراحية إلى استعادة وظائف الرئة وتحسين تنفسه.   بالإضافة إلى ذلك، أجريت عملية جراحية ثانية كبرى لمعالجة إصابة معدته، التي أدت إلى صعوبات في التغذية وتسرب الحليب في بعض الأحيان إلى رئتيه. 

خلال فترة التعافي، تلقى عمر رعاية متخصصة من فريق العناية المركزة وممرضات الأجنحة والفرق متعددة التخصصات في غوش. وعلى الرغم من مواجهة تحديات مختلفة، كان تحسن عمر ملحوظا.   قال محمد، والد عمر: "لو كنت قد رأيت عمر قبل ستة أشهر، وإذا رأيته الآن، ستلاحظ الفرق".  أضاف الدكتور أورورا: "لم يعد عمر يعتمد على جهاز التنفس الصناعي، ويحتاج لكمية قليلة فقط من الأكسجين الإضافي في الليل وقت نومه.  لقد بدأ في تناول الأطعمة الصلبة، على الرغم من أنه لا يزال يعتمد على أنبوب تغذية للحليب.   نحن سعداء بمدى نجاح عمر.  كان ضعيفا للغاية عندما وصل عندنا لأول مرة، وهو أقوى بكثير الآن". 

نصح الدكتور أورورا وزملاؤه بعدم إجراء مزيد من العمليات الجراحية لإزالة التشوهات المتبقية، لأن المخاطر المحتملة تفوق الفوائد في هذه المرحلة.   بدلاً من ذلك، سيتم إجراء مراقبة دقيقة وعمليات مسح تفصيلية منتظمة لضمان بقاء حالة عمر مستقرة.  سيواصل غوش التعاون مع الزملاء الطبيين في الإمارات العربية المتحدة للمراقبة المستمرة.

تجاوزت الرحلة في غوش الإجراءات الطبية، إذ تطلبت إيمانًا وقوة وإيجابية من عائلة عمر وخاصة والده.  أقام محمد روابط قوية مع الآباء الآخرين في الجناح، وحوّل غرفة الأسرة إلى مركز داعم للتجارب المشتركة.  لقد ناقش الآباء جوانب مختلفة، بما في ذلك شؤون المستشفى، الإقامة، الطعام، السفر والتأمين.  لقد  شكّل الجناح وضعًا فريدا إذ كان هناك العديد من الآباء الذين قاموا فقط برعاية أطفالهم، وشكّلوا مجموعة متماسكة.  "لقد تواجد الكثير من الآباء هنا بمفردهم مع أطفالهم، لذلك كان ذلك أمرا ممتعًا للغاية.  لقد قيل لي إن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، حيث أقام  معظم الآباء في الجناح مع أطفالهم".  "لقد كنا عصابة من الآباء؛ كان الوضع ممتعا حقا". 

"على الرغم من اضطرار عائلة محمد إلى العودة إلى الوطن بسبب التزامات المدرسة والوظيفة، فقد استمروا في إجراء مكالمات فيديو لمدة ساعة واحدة لكن بصورة منتظمة، مما ضمن التواصل المستمر مع المستشفى.  على الرغم من بعد المسافة بين غوش والوطن، فقد شعر محمد أن موظفي غوش يوفرون بيئة دافئة وداعمة.  كان المترجمون متوفرين عند الحاجة، وكان هناك احترام لمعتقداتنا الثقافية والدينية.  كما أحب محمد الجو الاجتماعي الذي تم توفيره للمرضى الدوليين.  "لقد أقاموا حفلة مغادرة خاصة لنا ولطفل آخر لأنهما أنهيا علاجهما معا وقاموا بدعوة جميع الأطفال والعائلات في الجناح، لقد كان نشاطا رائعًا ".

لقد عبّر محمد عن امتنانه مؤكدا "عندما وصلنا إلى غوش، تم الترحيب بنا بحرارة.  غوش هو مستشفى عالي التخصص الذي يعالج العديد من الحالات من جميع أنحاء العالم.  لقد قدّموا لنا دعمًا لا يقدر بثمن، ونحن ممتنون للغاية للعلاج في هذا المستشفى".