طريق إيمري نحو الأمل: التغلب على حالة الإِكْشاف المثاني (إنقلاب المثانة للخارج)

17/12/2024
إيمري تستمتع بيوم لعب في الحديقة
إيمري تستمتع بيوم لعب في الحديقة

ولدت إيمري في إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2021 وهي تعاني من حالة خلقية نادرة تسمى الإِكْشاف المثاني أو (إنقلاب المثانة للخارج) من النوع العادي. تتضمن هذه الحالة وجود المثانة خارج الجسم، جنبًا إلى جنب مع آليات التحكم التي تنظم عادةً سلس البول. وعلى الرغم من هذا الخلل، فإن الأطفال المصابين بالإِكْشاف المثاني يتمتعون بصحة جيدة ويتطورون بشكل طبيعي في كل الجوانب الأخرى.

يعد الإِكْشاف المثاني نادر الحدوث، حيث يصيب حوالي 12-15 طفلًا سنويًا في المملكة المتحدة، مع وجود حالات أكثر قليلاً لدى الأولاد مقارنة بالبنات. وكما يوضح البروفيسور مشتاق: "الأطفال المصابون بالإِكْشاف المثاني تكون لديهم المثانة مفتوحة وموجودة بالخارج. ولكن فيما عدا الإِكْشاف المثاني، فإن هؤلاء الأطفال أطفال طبيعيون تمامًا".

خضعت إيمري لأول عملية جراحية لها في عمر سبعة أسابيع فقط في مركز متخصص في إنديانابوليس. تضمن هذا الإجراء إغلاق المثانة وقطع بعض العظام، مما تتطلب تمكث لمدة إقامة طويلة في المستشفى، وهو أمر شائع في الولايات المتحدة. وبينما كان الإجراء الجراحي ناجحًا، ظلت إيمري تعاني من سلس البول مع تسرب مستمر للبول. كما أوضحت والدتها، آشلين: "تأتي استراتيجية الولايات المتحدة للعلاج مع الكثير من العناصر المجهولة وتترك عدد من الأمور للصدفة".

إيمري رفقة أمها أشلين
إيمري رفقة أمها أشلين

اكتشاف غوش

مع اقتراب إيمري من عيد ميلادها الأول، أصبحت آشلين وزوجها آندي غير راضين بشكل متزايد من عدم القدرة على التنبؤ بالنتائج النهائية لحالة ابنتهم في الولايات المتحدة. تبعاً لذلك، بدأ والدي إيمري في البحث عن أساليب جراحية بديلة، بحثًا عن حل من شأنه أن يوفر المزيد من اليقين بشأن حالة ابنتهم. جاء الإختراق عندما اكتشفت آشلين منشورًا عن إجراء جراحي يسمى إجراء كيلي لجراحة كالتي يبحثون عنها على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، وهو نهج جراحي لإدارة الإِكشاف المثاني غير متاح حاليًا في الولايات المتحدة.

بعد إجراء بحث مدقق، تمكنوا من إيجاد البروفيسور عمران مشتاق في مستشفى جريت أورموند ستريت للأطفال )غوش(، المتخصص في رعاية الأطفال المصابين بالإِكشاف المثاني. في أكتوبر من العام 2022، أجرت عائلة إيمري استشارة فيديو أولية مع فريق المسالك البولية في غوش. خلال هذا الاجتماع، شرح البروفيسور مشتاق إجراء كيلي الجراحي، وهو نهج وصفه لأول مرة الدكتور جاستن كيلي في ملبورن ثم تمت ممارسته في مستشفى غريت أورموند ستريت منذ العام 1998. وقد تضمنت هذه المناقشة الأولية فوائد هذا الإجراء الجراحي ولماذا يتم إجراؤه في سن مبكرة مقارنة بالممارسات الجراحية الأخرى في أمريكا الشمالية. وأكد البروفيسور مشتاق أن أحد الاختلافات الرئيسية في نهج مستشفى غريت أورموند ستريت هو إجراء عملية إعادة بناء عنق المثانة لكل مريض في عمر 12 إلى 18 شهرًا، مما يسمح للوالدين بالبدء في تدريب أبنائهم وبناتهم على استخدام المرحاض في نفس الوقت مع أقرانهم من نفس العمر. وقد اطمأن آل تومسون )والدي أيمري( إلى دقة الشرح وقصص النجاح من عائلات أخرى.

بعد دراسة متأنية، قررت الأسرة المضي قدمًا في إجراء الجراحة من خلال التمويل الذاتي. وقد نجحوا في جمع الأموال من خلال مساهمات الأسرة وحملة إلكترونية على موقع GoFundMe، وحصلوا على دعم من أكثر من 150 متبرعًا من جميع أنحاء العالم. وأصبحت إيمري ووالديها جاهزين لإجراء الجراحة حيث أنهم شعروا بالثقة في أن نهج مستشفى غريت أورموند ستريت يوفر نتائج أفضل وأكثر قابلية للتنبؤ بمستقبل العلاج لإيمري.

سلط البروفيسور مشتاق الضوء على الاتجاه المتزايد للأسر الأمريكية للسعي من أجل إيجاد خيارات بديلة: "هناك العديد من الطرق المختلفة لإدارة عملية الرعاية والعلاج للمصابين بالإكشاف المثاني في جميع أنحاء العالم، وعلى نحو متزايد، هناك الكثير من الأسر في أمريكا التي لا يتملكها الشعور بالسعادة تجاه إستراتيجيات العلاج المقدمة وبالتالي تقوم بإستكشاف خيارات علاجية أخرى".

في أبريل من العام 2023، سافرت إيمري رفقة أسرتها إلى لندن لإجراء عملية متخصصة تسمى عملية كيلي. ركزت هذه الجراحة التي استغرقت أربع ساعات على مسألتين رئيسيتين:

أولاً: إعادة بناء عنق المثانة - مصممة لتمكين سلس البول من خلال السماح للمثانة بالاحتفاظ بالبول.

ثانياً: إعادة البناء التجميلي - تهدف إلى تحسين كل من الأداء الوظيفي للمثانة عقب الجراحة وتحسين المظهر كجزء من نهج شامل لرعاية أيمري.

على عكس النهج المتبع في أمريكا الشمالية، والذي غالبًا ما يتضمن جراحات يتم إجراؤها متأخرةً أو على مراحل، يدمج نهج غوش عمليات إعادة البناء هذه في عملية واحدة.

تم إجراء الجراحة بسلاسة، ومكثت إيمري في المستشفى لمدة أسبوع عقب الجراحة، حيث تم تدريب عائلتها على كيفية التعامل مع القسطرة وغيرها من جوانب تعافي إيمري عقب الجراحة. بعد أربعة أسابيع، تمت إزالة جميع الأنابيب والقسطرة، وأظهرت الإختبارات أن وظائف المثانة لدى إيمري جيدة.

تجربة تلقي العلاج والرعاية في مستشفى جريت أورموند ستريت: أكثر من مجرد رعاية طبية

إيمري وهي تلعب بأدوات الرسم
إيمري وهي تلعب بأدوات الرسم

ترنو آشلين إلى تجربتها في مستشفى جريت أورموند ستريت بتقدير عميق: "لق كانت تجربتنا في تلقي العلاج والرعاية في مستشفى جريت أورموند ستريت ملبيةً لما كنا نأمل فيه وأكثر. إلى جانب الأشخاص الرائعين القائمين على أمر العلاج والرعاية، كان من أبرز المميزات هو مدى إعطاء الجميع الأولوية أيضاً للصحة النفسية والعقلية لإبنتنا إلى جانب صحتها البدنية".

أمضت الأسرة ما يقرب من ستة أسابيع في إنجلترا، حيث بقيت إيمري في المستشفى لمدة ثمانية أيام، بالإضافة إلى ليلة إضافية بعد مضاعفات بسيطة. خلال فترة وجودهم في مستشفى جريت أورموند ستريت، استخدموا مرافق المستشفى، بما في ذلك منطقة اللعب المسماة بمنطقة "ديزني" والمساحات الخارجية للنقاهة. وفرت هذه الموارد لحظات حيوية من الراحة والفرح لإيمري ووالديها خلال ما كان يمكن أن يكون وقتًا صعبًا.

إيمري في زيارتها لحوض الأسماك "المتحف البحري"
إيمري في زيارتها لحوض الأسماك "المتحف البحري"

التعافي والتقدم المُحرز

تعافت إيمري بشكل جيد وعادت إلى الولايات المتحدة بعد مضي ما يتجاوز الشهر بقليل من وقت قدومها لإجراء الجراحة. وفي غضون 18 شهرًا، حققت أيمري المستوى الطبيعي من سلس البول بالكامل وأكملت تدريبها على استخدام المرحاض - وهي نتيجة رائعة لطفلة تعاني من الإِكشاف المثاني. وعلق البروفيسور مشتاق على ذلك بالقول: "بعد أن أجرينا الجراحة لإيمري، سارت الأمور على ما يرام. واستمرت في إحراز تقدم جيد للغاية، وفي غضون حوالي 18 شهرًا، تخلصت إيمري من من التبول الخارجي تماماً وأضحت مدربةً على استخدام المرحاض، ولم تعد ترتدي الحفاضات. هذه نتيجة جيدة للغاية لهذه الجراحة".

تسلط قصة إيمري الضوء أيضًا على أهمية التعاون بين الفرق الدولية والمحلية. قدم الدكتور كايفر، جراح إيمري في إنديانابوليس، دعمًا حاسمًا للأسرة قبل وبعد الجراحة. وأقر البروفيسور مشتاق بأهمية هذه العلاقة، قائلاً: "ما يميز حالتها هو الدعم المذهل الذي تلقته من جراحها المحلي، مارتن كايفر، الذي كان جراحها منذ الولادة. لقد أعطى الأسرة مستوى إضافي من الطمأنينة، مؤكداً لهم بأنه مهما حدث، فإنه سوف يعتني بها عندما تعود".

فريق مخصص لرعايتها

إيمري مع البروفيسور مشتاق، أستشاري المسالك البولية القائم على رعايتها وعلاجها
إيمري مع البروفيسور مشتاق، أستشاري المسالك البولية القائم على رعايتها وعلاجها

كان تفاني البروفيسور مشتاق وخبرته عاملين أساسيين في نجاح علاج إيمري. أطنبت آشلين في بيان إعجابها بالرعاية التي تلقتها إيمري: "إن البروفيسور مشتاق إنسان رائع حقًا يبذل كل ما يمكن. إن مستشفى جريت أورموند ستريت محظوظٌ للغاية بوجوده ضمن طاقمه".

وكانت الممرضة السريرية المتخصصة في علاج الإكشاف المثاني كارين رايان شخصية رئيسية أخرى في تعافي إيمري، حيث قدمت دعمًا لا يقدر بثمن أثناء عملية التعافي.

وقد كانت إحدى اللحظات البارزة في رحلة العلاج عندما أنفكت قسطرة المثانة جزئياً عن إيمري في وقت متأخر من الليل. قام البروفيسور مشتاق حينها بإرشاد الأسرة شخصيًا إلى كيفية إعادة تركيبها، مقدماً الدعم الطبي والعاطفي خلال وقت عصيب.

حياة إيمري اليوم

إيمري مع أسرتها
إيمري مع أسرتها

إيمري الآن تبلغ من العمر ثلاث سنوات وأضحت طفلةَ نشطة ونابضة بالحياة والبهجة؛ تستمتع بمشاهدة أميرات ديزني والإنخراط في المغامرات في الهواء الطلق ورسم الإبتسامة على وجوه الآخرين. إن والديها واثقون من أن قرار السعي لتلقي الرعاية والعلاج في مستشفى جريت أورموند ستريت كان أفضل قرار كان بإمكانهم إتخاذه  من أجل مستقبل تكون فيه إيمري معافاة.

بينما تتهادى إيمري لعمر الثلاث ونصف، تزدهر حياتها يوماً بعد يوم إذ أنضمت إلى حضانة الأطفال، وتعيش حياةً خاليةً من التهابات المسالك البولية ولم تعد بحاجة إلى الحفاضات. إن رحلة عائلتها هي شهادة على التأثير العميق لنهج مستشفى جريت أورموند ستريت الذي يركز على المريض، والذي يتجاوز مجرد الرعاية الطبية إلى تقديم الرعاية العاطفية والنفسية للمرضى وتعافيهم على الأمد الطويل.

ومتابعةً لحالتها حتى أواخر عام 2024، تستمر إيمري في تلقي الفحوصات السنوية لضمان استقرار صحة عمل وظائف المثانة والكلى. وأكد البروفيسور مشتاق على أهمية المراقبة المستمرة، "تحتاج إيمري لفحوصات سنوية، بما في ذلك فحوصات الموجات فوق الصوتية واختبارات المثانة، لتتبع تقدمها ومعالجة أي مخاوف محتملة. وفي حين أنها لا تحتاج حاليًا إلى تناول أي دواء، يظب من المهم المواصلة في الرعاية والمتابعة المستمرة لكونهما أمران بالغا الأهمية لضمان صحتها على المدى الطويل".

وفي حديثها عن تجربتها، قالت آشلين: "لم يكن قرار الذهاب إلى مستشفى جريت أورموند ستريت قرارًا سهلاً، لكنه كان أفضل خيار اتخذناه على الإطلاق. لقد تجاوزت إيمري كل التوقعات، ونحن ممتنون للغاية للرعاية والدعم الذي تلقيناه. لم يكن الأمر يتعلق بالجراحة فحسب، بل كان يتعلق برفاهيتها بالكامل، جسديًا ونفسياً. لقد منحنا مستشفى جريت أورموند ستريت الأمل والحلم بمستقبلٍ لم نكن نعتقد أنه كان ممكناً أبدًا".