أخصائي مرض سكري الأطفال يحث أولياء الأمور للتعرف على الخطوات الأساسية للحد من مخاطر إصابة الأطفال بالسكري
تزامناً مع اليوم العالمي لمرض السكري هذا العام، يحث أخصائي طب الأطفال واستشاري أمراض الغدد الصماء لدى الأطفال في مستشفى ’جريت أورموند ستريت للأطفال‘ (GOSH) أولياء الأمور في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة على التعرف على الخطوات الأساسية اللازمة للحد من مخاطر إصابة أطفالهم بمرض السكري من النوع الثاني والوقاية منه أو تأخير ظهور المرض من خلال إجراء تغييرات دائمة على نمط الحياة في منازلهم.
وأعرب الدكتور راكيش أمين، استشاري أمراض الغدد الصماء لدى الأطفال في مستشفى ’جريت أورموند ستريت للأطفال‘ (GOSH) - المستشفى اللندني الذي يعالج مئات الأطفال القادمين من المنطقة كل عام، عن قلقه إزاء الارتفاع الكبير في حالات الإصابة بمرض السكري بين أطفال الشرق الأوسط، وهو يرى أن أولياء الأمور يمكنهم فعل المزيد لخفض مخاطر إصابة الأطفال بالمرض.
وعلى الصعيد العالمي، يتسبب الإفراط في تناول الطعام وقلة النشاط البدني لدى الأطفال بارتفاع عدد حالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في مرحلة الطفولة كما يؤدي هذا الأمر إلى مشاكل في الصحة العامة على الصعيد العالمي تؤدي بدورها إلى نتائج صحية خطيرة. وعلاوةً على ذلك، وجدت دراسة محلية حديثة أن الارتفاع المتزايد لحالات مرض السكري من النوع الثاني يعتبر بمثابة مشكلة إقليمية خطيرة في جميع أنحاء العالم العربي. وتبين الدراسة التي تم نشرها في مجلة ’وورلد جورنال أوف ديابيتيس‘، انتشار مرض السكري من النوع الثاني بصورة مرتفعة وغير عادية عند الأطفال العرب تحت 18 عاماً في هذه المنطقة. وسببت عوامل مثل السمنة والتحول الحضري السريع وقلة النشاط البدني هذه الزيادة السريعة في معدل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في جميع أنحاء العالم العربي.
ويسلط الدكتور أمين الضوء على الحاجة لاتباع نظام غذائي خاص بالأطفال ومعالجة مشكلة الوزن الزائد باستخدام نهج ينطوي على تغيير العادات الخاصة بالأسرة والعادات المرتبطة بالثقافة المحلية.
وقال الدكتور أمين: "من المهم أن يعمل جميع أفراد العائلة في سبيل تحقيق آفاق صحية في الحياة اليومية. ويعتبر ضمان وجود أطعمة صحية في المنزل أفضل بداية ممكنة لهذا الأمر. إلى جانب تشجيع الأطفال على تناول الطعام بصورة أكثر بطئاً والتأكد من أنهم يستغرقون فترة 30 دقيقة على الأقل في تناول الوجبات بغية السماح للجسم بامتصاص العناصر المغذية. وللناحية البصرية أهمية بالغة باعتبار أننا نتناول الطعام بأعيننا قبل أفواهنا، لذلك ما يمكنكم القيام به هو وضع ذات كمية الطعام في طبق أصغر حجماً بحيث يبدو أن هناك المزيد من الطعام".
وأشار الدكتور أمين إلى أـن الممارسة المنتظمة للرياضة يمكن أن تحد من مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني؛ حيث قال: "تقع مسألة توفير قدوة حسنة للأطفال على عاتق الوالدين، وتتضمن النصائح السهلة والسريعة الذهاب إلى المدرسة سيراً على الأقدام وصعود السلالم عوضاً عن المصاعد أو السلالم المتحركة واستخدام سلال التسوق بدلاً من العربات. وهكذا تتراكم الخطوات لحرق المزيد من السعرات الحرارية، ويجب تشجيع الأطفال على المشاركة في فترات مطولة من الأنشطة البدنية كالسباحة وركوب الدراجات وممارسة رياضة ما".
وتعتبر مسألة إجراء تغييرات على نمط الحياة أمراً أساسياً بالنسبة للأطفال المصابين بالفعل بمرض السكري من النوع الثاني. ووفقاً للدكتور أمين، يمكن لتحقيق فقدان ملحوظ في الوزن أن يعكس آثار المرض في بعض الأحيان، ولكن إذا فشل الأطفال في إجراء هذه التغييرات سيكون لأدوية مرض السكري من النوع الثاني تأثير محدود فقط.
وتنطوي عوامل الخطورة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني على السمنة ووجود تاريخ مرضي في العائلة للإصابة بمرض السكري والانتماء العرقي والجنس (تزداد مخاطر الإصابة لدى الإناث). ويعتبر الوزن هو العامل الوحيد القابل للتعديل في هذه القائمة، وهو ما يحتاج الآباء لمعالجته والتصدي له، حسبما قال الدكتور أمين. وتتسبب السمنة والتغذية المفرطة بحدوث خلل في عمل الهرمون الرئيسي الذي يتحكم بمستويات الجلوكوز (الإنسولين) في الدم. وفي نهاية المطاف، يحاول الجسم التغلب على هذا الأمر من خلال إنتاج المزيد من الإنسولين، إلا أنه ينتج كمية كبيرةً للغاية لا يمكنه التعامل معها لتسبب في النهاية ارتفاع مستوى السكر في الدم.
وأضاف الدكتور أمين: "مع توقعات بارتفاع عدد المصابين بمرض السكري من 37 إلى 68 مليون شخص خلال الأعوام العشرين القادمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من المهم للغاية أن نتخذ الإجراءات اللازمة على الفور، ولكن معظم الآباء بحاجة لمزيد من الثقافة عندما يتعلق الأمر بعلاج مرض السكري. أشاهد آباءً يسافرون إلى عيادتنا في لندن متوقعين أن يشفى طفلهم من السمنة في غضون أسبوع وبعدها يصبح بمقدورهم المغادرة. ولكن للأسف، ليس الأمر بهذه البساطة. ينبغي على أولياء الأمور في المنطقة وضع نهج شامل ومستمر على مدى الحياة لإجراء تغييرات صحية على أنماط حياة أطفالهم من أجل المساعدة في خفض مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عند الأطفال".
أبرز النصائح لخفض مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عند الأطفال:
- ممارسة النشاط البدني – لكل العائلة: تعتبر ممارسة النشاط البدني أمراً مهماً في إطار الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني. ويحتاج الأطفال لحوالي 60 دقيقةً من النشاط البدني يومياً، ومن أجل المساعدة على تحقيق ذلك، ينبغي أن يتم تشجيع ممارسة النشاط البدني ودمجه في الحياة اليومية للعائلة. ويمكن أن يتم هذا الأمر عبر إجراء تغييرات صغيرة وتدريجية (كاتخاذ قرار بالذهاب إلى المدرسة سيراً على الأقدام بدلاً من ركوب السيارة) لغاية إجراء تغييرات أكبر (مثل الرحلات العائلية إلى المسبح أو الذهاب في رحلات عائلية على الدراجات).
- تشجيع عادات تناول الطعام الصحية في المنزل: ينبغي أن نضمن تواجد أطعمة ووجبات خفيفة صحية في المنزل على الدوام. وإلغاء الأطعمة الغنية بالسكر والأطعمة المعالجة من قائمة المشتريات، إلى جانب شراء المزيد من الفواكه والخضروات. وتعليم الأطفال كيفية قراءة ملصقات الأطعمة لمساعدتهم في العثور على أطعمة صحية في المتاجر.
- حصص غذائية بحجم محدد: يمكن استخدام طبق أصغر حجماً بحيث ترى عين الطفل أن هناك المزيد من الطعام. وعلاوةً على ذلك، تشجيع الأطفال على تناول الطعام بصورة أكثر بطئاً والتأكد من كونهم يستغرقون 30 دقيقة على الأقل في تناول الوجبات بغية السماح للجسم بامتصاص العناصر المغذية.
- أن يكون الآباء قدوةً حسنة لأطفالهم: ينبغي أن يشارك جميع أفراد العائلة في اتباع سلوك صحي ينطوي على ممارسة النشاط البدني والحفاظ على وزن مناسب بحيث لا يشعر الطفل أنه غريب أو وحيد. وسيؤدي هذا الأمر على المدى القريب إلى جعل السلوك الصحي جزءاً طبيعياً ويومياً من حياة العائلة. وفي حال استطاعت العائلة الحفاظ على نمط الحياة الصحي هذا، سيساعد هذا الأمر بشكل كبير على خفض مخاطر الإصابة أو تأخير ظهور مرض السكري من النوع الثاني عند الأطفال.