رحلة سارة: تعاون على مستوى دولي يؤدي لإنقاذ حياة طفلة في مستشفى جريت أورموند ستريت
إحالة طبية من صربيا إلى لندن غيّرت شكل حياتها
عندما كانت سارة تبلغ من العمر ستة أشهر فقط، شهدت حياتها تحولاً جذرياً، إذ تم تشخيصها بأنها مصابة بورم ويلمز (ويسمى أيضاً نيفروبلاستوما أو مرض ويلز)، وهو سرطان كلى نادر يصيب الأطفال ويكون نتاجاً لحدوث طفرة وراثية (جينية)، وفي حالة سارة أضطر الأطباء إلى استئصال كليتيها الأثنتين. تقول سوزانا، والدة سارة في وصف ما حدث في البدايات: "لاحظتُ تورّماً طفيفاً في الجانب الأيسر من بطنها".
ولعدم وجود خيار أمامها سوى البدء في مباشرة الخضوع لغسيل الكلى في سن مبكرة، انتقلت عائلة سارة من جنوب صربيا إلى العاصمة بلغراد من أجل الحصول على علاج متخصص. تستذكر سوزانا تلك السنوات المبكرة قائلةً: "لم نكن نعرف ما سيحدث لنا مستقبلاً. كل ما كان بإمكاننا فعله هو الحضور، والتمسك بالأمل، والكفاح من أجل نجاتها في كل يوم". بدأت سارة حينها في تلقي العلاج الكيميائي واستمرت في الذهاب لإجراء غسيل الكلى لمدة ست سنوات.

التعامل مع محدودية الرعاية المتوفرة على المستوى المحلي
عندما بلغت سارة السادسة من عمرها، كانت قد أمضت حياتها بأكملها تتنقل بين المستشفيات. تقول والدتها سوزانا في وصف تلك الفترة: " أثناء خضوعها لغسيل الكلى، كان الأمر صعبًا للغاية، إذ كان تناولها للسوائل محدودًا، واضطرت إلى تعديل نظامها الغذائي. كانت تقضي خمس ساعات يوميًا على مدار خمسة أيام في الأسبوع، في غسيل الكلى. ولم يكن بإمكانها الذهاب إلى روضة الأطفال".
أدى الضرر الناجم عن استخدام الوريد المركزي طويل الأمد لغسيل الكلى إلى محدودية في الخيارات المتاحة لسارة. لم يكون جراحو الكلى في صربيا مدربين بشكل كافٍ لمباشرة عمليات زراعة الكلى، واستمرت صحة سارة في التدهور، مما جعل حالتها في موقف حرج.
خلال زيارة إلى مستشفى الأطفال الجامعي في بلغراد في عام ٢٠١٩، التقت سارة لأول مرة بالدكتورة يلينا ستويانوفيتش، أخصائية أمراض الكلى لدى الأطفال من مستشفى جريت أورموند ستريت (GOSH). حكت لنا الدكتورة ستويانوفيتش عن تفاصيل ذلك اللقاء، قائلةً: "لقد كانت سارة تتمتع بروح مشرقة، على الرغم من كل ما مرت به. فضولية، مبتسمة، ودائمًا ما تسأل عن عملية زراعة الكلى". "كان من الواضح أنها بحاجة إلى أكثر من مجرد غسيل الكلى - كانت بحاجة إلى عملية زرع كلية بشكل كامل، وبدأت الاستعدادات لذلك".
وُضِعت خطة لإجراء عملية زرع من متبرع حي في صربيا، بدعم من جراحي مستشفى جريت أورموند ستريت (GOSH) للفريق المحلي. ومع ذلك، مع تفشي جائحة كوفيد-19، تم تأجيل تنفيذ الخطة.

إنقاذ حياة في ظل إنتشار الجائحة
مع تفاقم حالة سارة، وعدم استمرار قدرتها على الخضوع لغسيل الكلى، حافظت فرق طب الكلى وجراحة زراعة الكلى في مستشفى جريت أورموند ستريت على التواصل إفتراضياً عبر الإنترنت مع الأطباء في صربيا، حيث قاموا بتعديل غسيل الكلى الخاص بسارة عن بُعد والتخطيط لخطواتها التالية. ولكن بحلول منتصف عام 2021، ساءت حالة سارة. بعد مناقشات داخلية مطولة، منح المجلس التنفيذي لمستشفى جريت أورموند ستريت (GOSH) إذنًا خاصًا لإحضار سارة إلى لندن لإجراء عملية زراعة كلى منقذة للحياة - وهي المريضة الوحيدة الخاصَّة من خارج المملكة المتحدة التي تم قبولها خلال ذروة الجائحة للعلاج.
إن إحضار سارة إلى مستشفى جريت أورموند ستريت في تلك الظروف كان دليلًا على قيمنا، التي على رأسها وضع المريض أولاً والعمل عالميًا كفريق واحد
الطبيبة يلينا ستويانوفيتش
العلاج والتعافي في مستشفى جريت أورموند ستريت
وصلت سارة إلى جناح إيجل الطبي في مستشفى جريت أورموند ستريت في سبتمبر من العام 2021، حيث تولى فريق متعدد التخصصات لأمراض الكلى تحسين رعايتها. وشملت رعايتها ما يلي:
- الانتقال من غسيل الكلى الدموي إلى غسيل الكلى البريتوني
- الدعم الغذائي والتأهيل قبل الجراحة
- تمريض متخصص لمرضى الكلى
- الدعم النفسي والعلاج باللعب
في أسابيعهما الأولى، واجهت سوزانا وابنتها سارة صعوبات لغوية، لكن فريق مستشفى جريت أورموند ستريت حرص على راحتهما من خلال التواصل باللغة الصربية باستخدام مترجمين فوريين. تقول سوزانا: "بذل الموظفون قصارى جهدهم وقد جعلوا من كل يومٍ يوماً مميزًا - حتى أنهم أعدوا قائمة بكلمات صربية لمساعدتنا على التواصل خلال إقامتنا".
خضعت سارة لعملية زرع كلية من متبرع حي في أكتوبر من العام 2021، وكانت والدتها هي المتبرعة. نُقلِت الكلية من مستشفى جسر لندن إلى مستشفى جريت أورموند ستريت، حيث قام الطبيب الجراح نيكوس كيساريس، استشاري جراحة زراعة الأعضاء، بإجراء عملية الزراعة.
لطالما أخبرت سارة أنها بعد عملية الزرع ستتمكن من شرب المزيد من الماء، ومباشرة حياتها بصورة طبيعية، وبأني سأكون بجانبها في كل خطوة
سوزانا - والدة سارة
خرجت سارة من المستشفى بعد أسبوعين، مع إعادة دخول لمرةٍ واحدةٍ فقط بصورة وجيزة بسبب التهاب في المسالك البولية وأيضاً من أجل إزالة دعامة، وهو إجراء روتيني. تقول سوزانا: "خلال تلك الفترة العصيبة، أكثر ما شجعني على الاستمرار هو ابتسامة سارة الساحرة، ونضالها، ورغبتها القوية للاستمتاع بالحياة. لقد انتظرنا طويلاً وعانينا الكثير. لم تكن الرعاية في مستشفى جريت أورموند ستريت مجرد رعاية متخصصة فقط، بل كانت رعايةً مملؤة باللطافة، والإنسانية، واللمسة الشخصية".

التقدم المحرز عقب عملية زراعة الكلى والرعاية طويلة الأمد
بعد العملية، تغيرت حياة سارة بشكل جذري. عادت رفقة أسرتها إلى صربيا، حيث تعيش سارة الآن حياة طبيعية. تذهب إلى المدرسة بانتظام، حتى أنها فازت بالمركز الأول في مسابقة وطنية لرقص الشوارع. وفي يومنا هذا، حياة سارة مزدهرة، وهي من أوائل الطلاب في صفها.
تقول سارة: "أشعر بالحرية الآن. لم أعد مضطرة للذهاب إلى المستشفى أسبوعيًا. أستطيع أن أعيش حياة طبيعية."
تستمر رعاية سارة في صربيا من خلال تعاون رسمي بين مستشفى جريت أورموند ستريت ومستشفى الأطفال الجامعي في بلغراد، بدعم من برنامج مركز الراهبات التابع للجمعية الدولية لأمراض الكلى. وتواصل الدكتورة ستويانوفيتش زيارتها سنويًا.

لماذا يُفضَّل إحالة أطفالكم إلى قسم أمراض الكلى في مستشفى جريت أورموند ستريت؟
إن حالة سارة وقصة علاجها تُعد مثالاً قوياً على قدرة مستشفى جريت أورموند ستريت الاستثنائية على رعاية المرضى الدوليين الذين يعانون بعضاً من أكثر الحالات المرضية تعقيدًا في العالم. ويتم هذا من خلال نموذج شامل وبإستخدام نهج الفرق متعددة التخصصات، ويضاف إلى ذلك أن هذه الطريقة مدعومة أيضاً بتعاون وثيق بين الأطباء عبر الحدود حتى خلال خلال أزمة صحية عالمية مثل ما حدث أثناء أزمة كوفيد. ويواصل مستشفى جريت أورموند ستريت ريادته في الابتكارات المنقذة للحياة. ويُعد التزام المستشفى الراسخ بالرعاية المستمرة بعد الخروج من المستشفى من مميزاته البالغة الأهمية.