تجربة علاج جيني لمساعدة الأطفال المصابين باضطراب مناعي حاد
اكتشف باحثون في مستشفى غريت أورموند ستريت (غوش)، بالعمل مع متعاونين دوليين، علاجا جينيا جديدا له فوائد طويلة الأمد للأطفال الذين يعانون من اضطراب المناعة الحاد المعروف باسم "متلازمة ويسكوت أُلدريتش" (Wiskott-Aldrich syndrome).
ما هي متلازمة ويسكوت أُلدريتش؟
هي حالة وراثية نادرة تقلل من قدرة الطفل على مقاومة العدوى وتؤثر على حوالي ثلاثة من كل مليون طفل في جميع أنحاء العالم. يحدث هذا المرض بسبب أخطاء في جزء من الحمض النووي على الكروموزومX ، ويصيب الأولاد بشكل حصري تقريبًا.
تشمل أعراض متلازمة ويسكوت أُلدريتش سهولة حدوث كدمات، إسهال دموي وحدوث نزيف طويل بسبب خبطات وخدوش صغيرة نسبيًا. الأطفال الذين يعانون من متلازمة ويسكوت أُلدريتش الحاد هم أكثر عرضة للعدوى وأكثر عرضة للإصابة ببعض أنواع السرطان. بدون علاج مناسب، يمكن أن تكون الحالة مهددة للحياة، غالبًا من نزيف في الدماغ.
العلاج المستخدم حاليا هو زرع نخاع العظم، ولكن حوالي 20٪ فقط من المرضى يمكنهم العثور على متبرع مناسب مطابق، والذي يكون عادة أحد أفراد الأسرة المقربين. بدون زرع، ينخفض متوسط العمر المتوقع للأطفال الذين يعانون من متلازمة ويسكوت أُلدريتش. لكن، هناك نهج بديل وهو العلاج الجيني الذي يبشر بالخير الآن.
العلاج الجيني الجديد يغيّر مجرى الحياة
عالج فريق دولي من الباحثين في غوش و معهد صحة الطفل في غريت أورموند ستريت التابع لكلية لندن الجامعية (UCL GOS ICH) في المملكة المتحدة ومستشفى نِكَرْ إنفت مَلاد Necker-Enfants Malades في فرنسا ثمانية أطفال يعانون من متلازمة ويسكوت أُلدريتش بالعلاج الجيني بالفيروسات البطيئة (lentiviral gene therapy). يعمل هذا على علاج متلازمة ويسكوت أُلدريتش عن طريق إدخال نسخ سليمة من الجين المعيب الذي يسبب متلازمة ويسكوت أُلدريتش في خلايا المريض و يتم توصيل هذه الجينات السليمة عن طريق فيروس بطيئ lentivirus غير ضار.
أظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Medicine، أنه بعد تلقي هذا العلاج الجيني، شهد معظم المرضى انخفاضا كبيرا في عدد وشدة تهيجات العدوى وتمكنوا أيضًا من التوقف عن تناول المضادات الحيوية اللازمة لحمايتهم من العدوى المنتظمة. كما تمكّن جميع المصابين بالأكزيما المرتبطة بالحالة من الشفاء تمامًا باستثناء حالة واحدة. بينما استمر بعض المرضى يعاني من انخفاض تعداد خلايا تخثر الدم (المعروفة باسم الصفائح الدموية) بعد العلاج، لم يتعرض أي منهم لأية نوبات نزيف حادة أو تلقائية.
يستمر هذا البحث في إظهار فوائد العلاج الجيني، حيث نرى مرضانا الصغار يبدأون بممارسة حياتهم مثل أصدقائهم ولا يعانون من القلق بشأن الخبطات والخدوش اليومية.
البروفيسور أدريان ثراشر Adrian Thrasher، أستاذ مناعة الأطفال في غوش و معهد صحة الطفل في غريت أورموند ستريت التابع لكلية لندن الجامعية وأحد كبار الباحثين
بعد أربع سنوات من العلاج، استمرت فوائد العلاج الجيني ولم يتم العثور على آثار جانبية خطيرة أو سمّية. تُظهر هذه الدراسة أول علاج جيني طويل الأمد وآمن لـعلاج متلازمة ويسكوت أُلدريتش.
العلاج الجيني كبديل لزرع نخاع العظم
بالنسبة للمرضى الذين لا يستطيعون العثور على متبرع مناسب لنخاع العظام، يوفر هذا العلاج الجيني بديلا آمنا للزرع.
يمكن استخدامه أيضًا عندما يشكل زرع نخاع العظم خطرا كبيرا ، على سبيل المثال إذا كان الطفل يعاني من عدوى شديدة في ذلك الوقت أو مرض المناعة الذاتية الشديدة. يمكن أن يؤدي هذا العلاج إلى إطالة متوسط العمر المتوقع للأطفال المصابين بمتلازمة ويسكوت أُلدريتش لعقود وتحسين نوعية حياتهم بشكل كبير.
نحن فخورون جدا بمدى تقدم أبحاثنا في مجال العلاج الجيني في غوش و معهد صحة الطفل في غريت أورموند ستريت التابع لكلية لندن الجامعية. منذ أن عالجنا الطفل الأول بالعلاج الجيني عام 2001 ، واصلنا لعب دور محوري في تجارب العلاج الجيني مثل هذه التجربة - من قيادة التجربة السريرية إلى توفير التكنولوجيا اللازمة للعلاج الجيني.
في حين أن هذا العلاج غير متاح حتى الآن في خدمة الصحة الوطنية (NHS)، إلا أنه مع المتابعة على المدى الطويل، نأمل أن يوفر فرصة لـ "شفاء" محتمل للأطفال الذين يعانون من أمراض نقص المناعة المهدّدة للحياة مثل متلازمة ويسكوت أُلدريتش
البرفوسور أدريان ثراشر Adrian Thrasher